مورفولوجيا القراءة الرقمية للواقع الافتراضي في التعليم الالكتروني في نطاق جائحة كورونا
تشير كلمة –المورفولوجيا- morphe إلى الشكل أو الصيغة أو الصورة أو الهيئة أو الحالة اللاحقة – logei فتعني العلم أو الدراسة, ولها نطاق علمي تداولي واسع في مختلف الحقول الطبية والنباتية والاحيائية والتكنولوجية والانسانية عامة. وتشير أغلب الدراسات البيئية والثقافية الى انَّ مصطلح (المورفولوجيا) مفهوم متشعب المداليل. ..حاولت ان أطبق مدياته في القراءات الرقمية, فوجدت أنه نشاط معقد لمعالجة المعلومات، و له قدرة على القراءة الرقمية واستخلاص المعلومات التكنو-ثقافية، وتشخيص أدوات وبرامج تدريبية مختلفة, ترتكز على تنمية الوعي والتفكير والمعالجة، كالتعلم الأولي عند الأطفال فيما يتصل بمعرفة الحروف والمقاطع والمورفيمات, حتى يتسنى لهم الفهم والادراك. لذلك تتحدد الثقافة الرقمية ضمن الإطار المورفولوجي بوصفها تطورا حداثيا يجد منطلقه في وظيفة التعلم الالكتروني, والمهارة الرقمية .
والتقنية الرقمية لها دور مهم في تكوين المهارات والخبرات والبرامج الحاسوبية ونقل وتوصيل هذه المعلومات للقارئ, وقد استجدت الحاجة لهذه التقنية الالكترونية بعد انتشار وباء (كورونا), هذه الأزمة الصحية التي فرضت نظاما مختلفا عما كان سابقا, تمثل باللجوء لبرامج التعليم الاكتروني, لتكون مرتكزا معلوماتيا من أجل مواصلة المسيرة التعليمية .
وتبرزهنا أهمية تطور المعلومات التكنو- ثقافية للأستاذ الجامعي, حتى يستطيع مواكبة المسيرة التعليمية مع طلبته, على الرغم من الانقطاع عن الدوام الفعلي الواقعي الجامعي, ولكن المشكلة تكمن في أن كثيرا من الأساتذة يعوقهم عائق فكري عن مواكبة هذا التطور التكنولوجي لمواصلة المهنة التعليمية في العالم الافتراضي الالكتروني, وهو ما يمكن تسميته بـ(الأمية التكنولوجية)، وذلك لاعتياده نمط التعليم الواقعي وابتعاده عن البرامجيات التعليمية الحديثة, إذ ا تنقصه الخبرة الكافية في الإفادة منها في هذه الظروف التي فرضتها جائحة كورونا، ومن جهة أخرى فإن تعدد هذه البرامجيات وتنوعها قد أوجد أمام الأستاذ صعوبات في معرفة سبل الاستخدام الأمثل للتواصل مع طلبته وبث مادته العلمية, لذلك يتعين معرفة أولويات التعلم المورفولوجي و الوسيط المحكي ( )(الفاعل الرقمي, وهي أمور كثيرة يجب توافرها عند جميع المتعلمين، وهذه التقنيات اللازمة للأستاذ الجامعي هي:
أولا : الوعي التكنولوجي :
ويقصد به الشعور الواقعي في عالمه الافتراضي بضرورة التعلم والإفادة من البرامجيات الحاسوبية المختلفة لتطوير الشخصية الرقمية, ومواكبة المستجدات المعلوماتية للثقافة الرقمية، وأن يتجاوز دوره التقليدي الذي إعتاده منذ سنوات في بثِّ مادته العلمية الواقعية لطلبته, وهنا تمنح له فرصة الإحساس بأنه الفاعل الرقمي لكل ما يؤدي من مهام رقمية ذات أثر فاعل في القرّاء الرقميين – أيا كانوا بمختلف ثقافاتهم – فيكون المنتج الأول للنصوص الرقمية التي احتوتها المادة العلمية,وما يضفي عليها من تغيير وتعديل. وهذا العمل الرقمي التكنولوجي يمد الحركة التعليمية بصفة التفاعل والتمكن من أبجديات الرقمنة ومسايرة التطور التكنو_ ثقافي. .
ثانيا : المهارة والمقدرة التكنولوجية :
وهذه الفقرة تتطلب من الفاعل الرقمي أن يتقن آليات البرمجة المعلوماتية, وأن كان هناك عائق في مسألة اكتساب المهارات التكنولوجية فعليه الانضمام الى الورش العلمية والدخول في الندوات التي تقيمها بعض الجامعات والمؤسسات الثقافية, لكسب المعلومات والمهارات في كيفية التواصل مع الاخرين عبر مواقع وقنوات مختلفة ومتعددة, ومنها مثلاً برنامج المودل moodl وبرنامج الكلاسروم class roomوبرنامج الmeeting.
ثالثا : التفاعلية :
وهي من أهم مستلزمات الحياة الرقمية لتكون هناك رغبة متفاعلة بين الطرفين المرسل الرقمي والمتلقي الرقمي، والتفاعلية هي خاصية الإبداع التكنولوجي المبرمج بوجود مكونات تواصلية عدة يستند اليها النص الرقمي, ولذا قيل إن النص المتفاعل هو ذلك النص الذي يجمع بين النص والراصد ضمن علاقات تفاعلية سيميوطيقية, ويعني هذا أن النص الرقمي هو نظام علاماتي، أو نسق سيميوطيقي يتكون من مجموعة من العلامات أو الاشارات والدوال الرمزية, ومن ثمَّ يحتوي النص المبرمج على مجموعة من الأنساق الرمزية التي تحتاج الى قارئ تفاعلي يفك رموزها وعلاماتها..( )
رابعا : عدم النظرة الافتراضية :
تمثل الافتراضية سمة من سمات النص الرقمي, وتأتي صفة الافتراضية من عدم معايشة الواقع, وتحقق اللقاءات الحقيقية العلمية بين الأستاذ وطلابه؛ والواقعي هو المقابل للافتراضي لأنه مكون من آليات مبرمجة, ووسائل مستعملة في النص الرقمي, وهو لا يتعامل مع نصوص قابلة للقراءة المادية وإنما مع سلسلة من الشفرات المعلوماتية التي يرسلها الفاعل الرقمي، لكن الواقع الافتراضي يتحقق زمانا ومكانا عندما يختفي الحاسوب ويصبح الفاعل الحقيقي هو الشخص الرقمي الذي يرسل المعلومات المبرمجة، فالافتراضية ليست سمة للوسيط وإنما هي سمة للمحتوى والوحدات القرائية التي تكون غير مادية على عكس النص الورقي.( )
هذه أهم الشروط الواجب على الأستاذ الجامعي أن يتحلى بها كي يتمكن من التواصل العلمي, ولتستمر الحياة التعليمية, وهو قوامها, وبذلك تتحول الشبكة التواصلية الافتراضية الى سيرورة واقعية بتحول البرامج الالكترونية الى شكل دال رقمي ملموس عبر الفاعل الرقمي (الأستاذ الجامعي) ودال ثان (المتلقي الرقمي, الطالب) لينتج مدلولات قاعدية ذات شيفرات وسنن مبرمجة مادية.
خامسا: المتلقي الرقمي (القارئ الرقمي )
إن عملية التفاعل في التواصل الالكتروني تتطلب تفاعلاً بين الطرفين الباث الرقمي وهو الأستاذ الجامعي والمتلقي الرقمي, وقد يكون طالباً أو مثقفاً أو قارئاً يريد الافادة، وهنا تغيرت معالم الافادة من وسيط ورقي الى وسيط الكتروني, لكن المطلوب من هذا المتلقي أن يتسلح ويتثقف بالمعلومات الالكترونية والكفاءات الحاسوبية كي يستطع التواصل مع الفاعل الرقمي أي الأستاذ, والإفادة من المعلومات الرقمية التي يبثها والبرامج المعلوماتية عبر تلك الوسائط. وقد كان من ميزات هذا التفاعل بين الطرفين هو امكانية المشاركة واجراء تغييرات في الأسلوب واللغة وطريقة العرض البرامجي, اضافة الى ذلك فإن درجة التلقي تختلف من متلق الى آخر، باختلاف تواجدهم الحقيقي الفاعل وتمكنهم من امتلاك ادوات حاسوبية متقنة ورغبتهم في التواصل والتعلم. وقد قسمت المتلقي الى أقسام حسب توجهه ورغبته وتفاعله مع الباث الرقمي, وذلك على النحو الآتي:
1_ المتلقي الرقمي الحقيقي: وهو الذي يريد الافادة الحقيقية من الأستاذ الرقمي في تفاعله وحضوره وإبداء رأيه عن طريق ارسال الرسائل الالكترونية وتحضير المادة التي يطلبها الأستاذ منه .
2_ المتلقي الرقمي الناقد: وهو الذي لا يملك سوى توجيه النقد والتذم, بحجة عدم الافادة من هذه البرامج الحاسوبية لعدم توفر النت أو الأجهزة الحاسوبية الحديثة, ومهما حاول الاستاذ الرقمي بث مادته بمختلف البرامجيات يبقى النقد والتمرد على حاله.
3_ المتلقي الرقمي الصامت: وهو المتلقي الذي يلتزم الصمت حول مدى الإفادة من هذه البرامجيات التي يستعملها الاستاذ لبث مادته العلمية ولا يبدي افادته أو عدم افادته منها .
أ.د كريمة نوماس محمد المدني / كلية التربية للعلوم الانسانية